يعد مطار دارين أو مطار الرفيعة أول وأقدم مطارات المملكة العربية السعودية، كذلك يعتبر هذا المطار أول مطار في الخليج العربي من بعد مطار المنامة الواقع في البحرين، وكانت تهبط طائرة أسبوعيًا في مطار دارين آتية من مطار القضيبية الواقع في المنامة.
ويتميز هذا بأنه قد أصبح مطار أثري، ولكن توقف هذا المطار عن العمل عام 1932م وهجر عام 1939م ولم يتبق منه سوى غرفة مستودع الوقود وهي مُنعزلة عن المبنى والمدرج الذي كان يبعد مسافة 600 متر من ساحل البحر.
سنسلط الضوء خلال هذا المقال عزيزي القارئ على قصة إنشاء هذا المطار وعلافة بريطانيا به ودوره وتاريخ خرجه من الخدمة وأعمال الترميم والإصلاح الخاصة به على مر الزمن.
موقع مطار دارين
يقع المطار في منطقة الرفيعة الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية لبلدة دارين، في جزيرة تاروت بالقطيف. ويبعد المطار حوالي 600 متر عن ساحل شاطئ الرملة البيضاء.
ويحد المطار من جهة الشرق البحر، ومن جهة الشمال مزرعة الكويتي، ومن جهة الغرب شارع الرياض، ومن جهة الجنوب دارين، ويبعد المطار عن موقع نادي الجزيرة الحالي بدارين قرابة 300 متر.
تاريخ الطيران في المنطقة
أول مشاهدة لأبناء المنطقة الشرقية للطائرات كانت قديمة؛ فقد كانت هناك رسالة من الملك “عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود”، محررة عام 1924م، أي بعد فتح الأحساء والقطيف بمدة لا تزيد عن عشر سنوات فقط يذكر فيها الملك خبر تحليق عدد من الطائرات الإنجليزية في أجواء الساحل الشرقي.
علاقة بريطانيا بمطار دارين
يعد هذا المطار إحدى محطات الخطوط الجوية الإمبراطورية الإنجليزية باسم محطة مطار دارين الجوية.
وقد أتت السفينتان الحربيتان الإنجليزيتان (لابوينغ وبحرين) بقيادة الكابتن “غولد سميث” والسفينة الحربية البخارية (ردبرست) بقيادة كابتن “لويس ماليت” تعسكران قريباً من سواحل القطيف، ورأس تنورة ودارين خلال الفترة من 1908-1912م أي خلال السنوات الستة السابقة لعام 1914م، وهو العام الذي بدأت فيه الحرب العالمية الأولى، خلال هذه الفترة الواقعة بين 1908م – 1912م.
وكان مدير قضاء القطيف العثماني “القائم مقام” يقاسي الأمرين نتيجة ازدياد وتيرة وكثافة هجمات رجال البادية من قبليتي (سبيع والعماير) على واحة القطيف وقراها، ومما زاد الأمر سوءًا التدخلات الإنجليزية في قضاء منطقة القطيف من خلال عرض السفن الحربية الإنجليزية على المدير التركي التدخل للحماية والحد من تلك الهجمات.
ومن المؤكد أن القادة الإنجليز لم يكونوا حريصين على بقاء السلطة العثمانية في المنطقة، وإنما هذا الحرص كان محاولة منهم لخلق الذرائع والحجج لكسر الاتفاقيات الرسمية بين الدولتين، والتي تقضي باعتراف بريطانيا بتبعية مجمل الأراضي القطيف والأحساء وقطر للدولة العثمانية.
لذلك كان أي طلب تتقدم به الدولة العثمانية لطلب المساعدة، يمكن أن يفسر على أنه عجز عن السيطرة على هذه الأراضي، وبالتالي توجد بريطانيا لنفسها المبرر للتدخل بحجة الحفاظ على أمن رعاياها وتجارتها في المنطقة.
تأسيس مطار دارين
استغلت بريطانيا دخول القوات السعودية إلى واحتي الأحساء والقطيف عام 1913م كذريعة للتحرك، وإنزال الجنود المرابطين في السفينتين الحربيتين (لا بوينغ وبحرين وردبرست)، وبالتالي إتمام تأسيس المطار عام 1914م.
وصف مطار دارين
تستحوذ الأرض القائم عليه المطار مساحة كبيرة من الساحل وتمتد بشكل طولي، وتتميز هذه الأرض بالصلابة والشدة والانبساط بسبب تشبع تربتها الرملية بالماء، كما أنها خالية من الصخور والموانع الطبيعية، ويبلغ إجمالي مساحتها قرابة 1 كم2.
ويتألف المطار قديماً من 3 غرف صغيرة مستطيلة الشكل:
- غرفتان متجاورتان، وهذه الغرف مبنية من الطين والحجارة البحرية والفرش
- بين الغرفتين من الجهة الغربية هناك عمود من الخشب يسمى البنديرة يعلق في أعلاه فانوس كيروسين للإضاءة لإرشاد الطائرات ليلاً، ويثبت في قاعدة من الحجارة والصخور البحرية الطينية، وتبعد البنديرة عن غرفتي المطار مسافة تزيد عن 100 متر تقريباً باتجاه الغرب ويبلغ ارتفاعه 20 متراً، وقد أزالته بلدية تاروت في عام 1970م.
- يوجد غرفة أخرى تتواجد شمال غرب البنديرة، ولا تزال هذه الغرفة هي الوحيدة الموجودة حتى الآن.
نهاية مطار دارين
أرسل الجيش السعودي فرقة عام 1963م إلى هذا المطار لإزالة ما تبقى من:
- الطائرات
- صناديق القذائف التي كانت لا تزال مخزنة حتى ذلك التاريخ في غرف المطار
ولكن ظلت بقايا المطار ظاهرة أمام أعين الجميع حتى عام 1970م، ثم أزيلت تمامًا بأمر من بلدية تاروت.
تطوير مطار دارين
خضع هذا المطار لعدة عمليات من أجل الإصلاح والترميم، ومن بينها:
يناير 2009: صدرت أوامر من الأمير “سلطان بن عبد العزيز” لتخصيص موقع المطار ليكون متحف خاص بطائرات الملك “عبد العزيز”.
يناير 2015م: بدأت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالشرقية بتطوير موقع المطار وتخصيصه كمتحف لطائرات الملك “عبد العزيز”.
مارس 2016م: بدأ فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتسوير موقع المطار، ويأتي القرار بعد أن طالب الأهالي وعدد من الباحثين الأثريين والمهتمين بالآثار بتدخل الهيئة؛ لإعادة ترميم الحجرة التي ما زالت صامدة قبل أن تنهار والتي أصبحت مكان أثري من الأماكن الأثرية في المنطقة.
اقرأ أيضاً: دليل شامل لأهم مطارات السعودية